نداء إلى المسلمين المخدوعين بالديمقراطية والمسيرات والمظاهرات، والمتقاتلين مع إخوانهم من الشَّعْبِ ومن قُوَّات الأمن
صفحة 1 من اصل 1
نداء إلى المسلمين المخدوعين بالديمقراطية والمسيرات والمظاهرات، والمتقاتلين مع إخوانهم من الشَّعْبِ ومن قُوَّات الأمن
نداء إلى المسلمين المخدوعين بالديمقراطية والمسيرات والمظاهرات، والمتقاتلين مع إخوانهم من الشَّعْبِ ومن قُوَّات الأمن
20 فبراير 2011
كلمات نيّرات لعلاج الفوضى والبلبلة والفتنة الواقعة اليوم في كثير من بلاد المسلمين، مأخوذة من كتاب تمام المنّة في فقه قتال الفتنة، للشيخ محمد بن عبد الله الإمام، حفظه الله تعالى:
ومن قتال الفتنة : القتال في المظاهرات
المظاهرات الحاصلة في بلاد المسلمين مستوردة من قبل الكفار، وهذا معلوم أنها لم تكن في المسلمين قبل هذا العصر، وهي في بلاد الكفار مستحدثة أيضاً، واستحداثها في بلادهم مصاحب لظهور الديمقراطية فهي فرع من فروعها، وتُعَدُّ تحقيقاً لِشِعَارَيْ الحرية والمساواة.
ومعلوم أن الدعوة إلى الحرية والمساواة بالمفهوم عند الكفار دعوة إلحادية، فالمظاهرات وسيلة ديموقراطية، ولهذا لاَ تُفَرِّقُ بين مسلم وكافر وملحد وموحد ورجال ونساء.
وهي خروج جماهيري إلى الساحة مطالبة بأمر ما، والخروج هذا إما أن يكون خليطاً من فئات الناس والنساء، وإما أن يكون تجمعاً حزبياً فقط أو حكومياً فقط أو تابعاً لأصحاب مهنة معينة كالطب أو التعليم أو غير ذلك.
وكثيراً ما يحصل في المظاهرات من الصخب والسب واللعن والشتم وفي بعض الأحايين التكسير والتدمير وسلب ونهب الأموال. وهذا كاف في إثارة فتنة القتال، بل وفي بعض الأحيان يتقاتل بعض المتظاهرين مع أمن وجيش الدولة، فالمشاركة في هذا القتال هو من قتال الفتنة.
وعلماء أهل السنة يُحَذِّرُونَ من المظاهرات؛ لما فيها من مفاسد، قال شيخنا الوادعي رحمه الله في رسالته "ذم المسألة" (ص32) في المقدمة : " فاين ثمرة تلكم المظاهرات التي يقلّدون فيها أعداء الإسلام؟ وأين ثمرات مؤتمر الوحدة والسلام ؟ وأين ثمرات الانتخابات الطاغوتية ؟ نحن نقول هذا؛ حزنا على الدين، وتألماً من قلب الحقائق، لا أننا نغبطهم على جمع الأموال ، فهم سَيُسْألُونَ عنها يوم القيامة).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: ( لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج ، ولكن أرى أنها من أسباب الفتن، ومن أسباب الشرور ومن أسباب بغض الناس والتعدي على بعض الناس بغير حق ...) نقلاً من " الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية" (ص181).
وفي " مجموع فتاوى ومقالات متنوعة " (18/379) قال العلامة ابن باز رحمه الله: (كما أوصى العلماء وجميع الدعاة وأنصار الحق أن يتجنبوا المسيرات والمظاهرات التي تضر الدعوة ، ولا تنفعها وتسبب الفرقة بين المسلمين والفتنة بين الحكام والمحكومين) . اهـ.
بقاء الحكام المسلمين الجائرين أهون من إزالتهم بالخروج عليهم
قد دل استقراء أحوال الأمم والمجتمعات قديماً وحديثاً على أن وجود حاكم ولو كان ظالماً وجائراً خير من الفوضى بالخروج عليهم وزعزعة الأمن والاستقرار وفتح أبواب الفتن التي لا تُبْقِي ولا تذر ، والأدلة على ما قلنا ما يلي :
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ( لا يصلح الناس إلا أميرٌ بَرٌّ أو فاجر ، قالوا : يا أمير المؤمنين هذا البَرُّ فكيف بالفاجر ؟ قال : إن الفاجر يُؤَمِّنُ الله عز وجل به السبل، ويُجَاهَدُ به العدو ويُجبَى به الفيء وتُقام به الحدود ويُحَجُّ به البيت ويَعْبُدُ اللهَ فيه المسلم آمنا حتى يأتيه أجله _ أخرجه البيهقي في الشُّعَب 6/64-65 رقم 7508 وهو صحيح.
وعن الحسن البصري قال: واللهِ لا يستقيم الدين إلا بولاة الأمر وإن جاروا وظلموا، واللهِ لَمَا يُصْلِحُ الله بهم أكثر مما يفسدون.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في –مجموع الفتاوى- 28/391 : ويقال: ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة واحدة بلا سلطان. والتجربة تُبَيِّنُ ذلك.
وقال أيضاً في –السياسة الشرعية- 232/235 : يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين ، بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها. فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض،...ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس .... ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة... ولهذا كان السلف – كالفضيل بن عياض، وأحمد بن حنبل وغيرهما- يقولون: لو كان لنا دعوة مجابة لدعونا بها للسلطان... فالواجب اتخاذ الإمارة دينا وقربة يتقرب بها إلى الله ؛ فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات. وإنما يفسد فيها حال أكثر الناس لابتغاء الرياسة أو المال بها.
وقال الذهبي في السير 8/414 في ترجمة ابن المبارك أنه قال :
الله يدفع بالسلطان معضــلة .... عن ديننا رحمة منه ورضوانا
لولا الأئمة لم تأمن لنا سبل .... وكان أضعفنا نهبا لأقـــــوانا
فيقال: إن الرشيد أعجبه هذا، فلما بلغه موت ابن المبارك بِهِيتَ (اسم مكان) قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، يا فضل ائذن للناس يعزونا في ابن المبارك. وقال : أمَا هو القائل: الله يدفع بالسلطان معضلة؟ فمن الذي يسمع هذا من ابن المبارك ولا يعرف حقنا؟.
وقال ابن رجب في –جامع العلوم والحكم- 2/117 : وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا، وبها تنتظم مصالح العباد في معايشهم ، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم.
أيها القارئ إياك إياك والأفهام الدنيوية فإنها لا تسمن ولا تغني من جوع؛ لأنها أفهام يقودها الهوى لا العقل الرشيد، يقودها حب المال والجاه والمُلْكِ، وهذه تُعْمِي وتُصِمّ، فالذين خالفوا أهل العلم في المسألة معتمدون على أهوائهم ، ووصل بهم سوء الفهم إلى تقعيد قواعد باطلة كقولهم: لا تبرأ الذمة إلا بإزاحة الملوك.
وهيهات هيهات أن يتحقق لهم ذلك ، وإن تحقق فبعد ماذا؟ فيا سبحان الله كيف أعماهم حُبُّ المُلْكِ وإن أَخْفَوْهُ ، وأسكرهم الطمع في المال والجاه وإن نفوه، فلا تغتر بحماسهم القائم على غير أساس ، بل قل لهم: إن كنتم تعقلون فاسألوا مَنْ أَمَرَكُمْ اللهُ بالرجوع إليه. ولا يخفى عليهم أنهم يطعنون في أهل العلم من أجل أن لا يلزمهم في نظرهم الرجوع إليهم، ووالله لا يزال الرجوع إليهم واجبا على كل من ليس بعالم حسب الحاجة وخصوصاً في القضايا المدلهمة.
من أسباب فتنة القتال عدم الفحص والتحري لما يُقال ويُنقل
الفتنة إذا هاجت تكلم فيها من لا يحسن الكلام، ونقل الأخبار من لا يتحرى النقل، ودخل فيها –بدعوى الإصلاح- من لا معرفة له بالإصلاح ناهيك عن تحريكها من قِبَلِ المتربصين والشامتين، فمن لم يوطن نفسه عند الفتنة على الحِلْمِ لا على الطيش، وعلى الصبر لا على الجزع، وعلى البحث والتحري لا على التسليم بما يقال ويُنْشَرُ، وقع في حبائل الفتنة، وها هي إرشادات السلف تنير لك هذا الطريق عند الفتنة.
فعن عبد الله بن مسعود رضي قال: (ستكون أمور مشتبهات فعليكم بالتؤدة؛ فإن أحدكم أن يكون تابعًا في الخير خير من أن يكون رأسا في الشر). رواه ابن أبي شيبة (38184) والبيهقي ففي الشُّعَبِ (13/15-16) رقم (9886) واللفظ له. وسنده لا بأس به.
وها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أشيع أن النبي صلى الله عليه وسلم طلّق نساءه؛ ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله قائلًا: أطلّقت نساءك، يا رسول الله؟ قال: لا، فقلت: الله أكبر) رواه البخاري رقم (89).
وأيضا المتكلم لابدّ أن يلقي كلامه الخاص على من يفهمه ويصونه، فقد روى البخاري (6830) عن ابن عباس قال: كنت أقرئ رجالا من المهاجرين؛ منهم: عبد الرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها، إذ رجع إلى عبد الرحمن فقال: لو رأيت رجلا أتى إلى أمير المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين، هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلانًا! فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمَّتْ، فغضب عمر ثم قال: إني –إن شاء الله- لقائم العشية في الناس؛ فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغضبوهم أمورهم. قال عبد الرحمن فقلت: يا أمير المؤمنين، لا تفعل؛ فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، فإنهم هم الذين يغلبون على قرْبِك حين تقوم في الناس.
وأنا أخشى ان تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير، وألا يعوها وأن لا يضعوها على مواضعها، فأمهل حتى تقدم المدينة؛ فإنها دار الهجرة والسُّنَّة فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكنا؛ فيعي أهل العلم مقالتك ويضعونها على مواضعها. فقال عمر: أما والله –إن شاء الله- لأقومن بذلك أول مقام أقُومُهُ بالمدينة).
فالفتنة تكون صغيرة فيكبرها صنفان من الناس، الأول: من له مقصد حسن، ولكنه غير فقيه ولا خبير بالفتن. والثاني: من له مقصد سيء ونية خبيثة. أما الصنف الأول: فليتق الله وليرد الأمور إلى من هم أحق بها وأهلها. وأما الثاني فهو من الهالكين، إلا أن يتداركه الله برحمته فيتوب عليه فليتب إلى ربه قبل لقائه، والوقوف بين يديه» اهـ.
دسائس الأعداء لإشعال فتنة القتال بين المسلمين
أشد أعداء الإسلام الخارجين ثلاثة: المجوس واليهود والنصارى. وهؤلاء الثلاثة كل واحد منهم لا يألو جهدا في زرع الفتن بين المسلمين وإفساد حالهم من الداخل والخارج. وأعظمهم كيدا ومكرا للإسلام وأهله ومؤامرة عليهم من أول يوم: اليهود، قال تعالى : (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ)، وقال تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)، فهم أول من كاد بالمسلمين باسم الإسلام، وما فتنة عبد الله بن سبأ اليهودي عنا ببعيد؛ فقد ادَّعى الإسلام وهو مبطن لليهودية؛ فاغتر به من اغتر، ثم سعى في إضرام نار الفتن حتى قتلوا عثمان، فكفى بهذه فتنة من قِبَلِ اليهود في ذلك الزمان زمان العافية.
ولا تنس المجوس؛ فإنهم سلكوا مسلك اليهود، فقد أسسوا الفرق الباطنية المجوسية القرمطية فتظاهرت بالإسلام، وهي أكفر من اليهود والنصارى، ولا نستبعد أن اليهود شاركوهم في إنشاء هذه الفرق والأحزاب، واستمر اليهود والمجوس على هذا. وكثيرا ما تكون هذه المكائد خفية.
أما في عصرنا فقد تمكنت الثلاث ملل من المسلمين؛ فقد أقاموا فتن التفريق والتمزيق بين المسلمين، وجعلوا بأسهم بينهم شديدا ظاهره وباطنه، بل اتحد اليهود والنصارى على محاربة المسلمين والسعي في القضاء على الخلافة الإسلامية، وقد حشدوا جميع قواهم الكيدية والمكرية حتى أقاموا الثورات والانقلابات بين المسلمين التي أدت إلى القضاء على الدولة العثمانية. انظر كتاب :«المؤامرة الكبرى على الشام».
وما الحرب الإيرانية عنا ببعيد؛ فقد دامت ثمان سنين حصدت الأخضر واليابس. وبعدها الحرب العراقية على الكويت، وقد أدت هذه الثانية إلى هلاك العرب حِسًّا ومَعْنًى، فقد أبيدت دولة العراق على يد أمريكا؛ دمرها الله، أما مَعْنًى: فقد أذِلَّ العَرَبُ بوجود قواعد حربية أمريكية في جزيرة العرب، وما تمكنت أمريكا دمرها الله من تنفيذ الديمقراطية في الوطن العربي إلا يوم أن وُجِدَتْ قواعدها الحربية. ولله الأمر من قبل ومن بعد» اهـ.
فيا أيها المسلمون احذروا الفتّانين من تحليلات الصحفيين الجاهلين، وأصحاب المواقع الالكترونية الماكرين مثل ويكي ليكس، وface book، وtwiter، وغيرها ومن قنوات الفتنة والبلبلة كالجزيرة، وbbc وفرنسا24، وغيرها من قنوات الفتنة، فإن كانوا صادقين فليُطالبوا بإنهاء الحكم المَلَكِي في بريطانيا، فإن ملكتهم صار لها في الحُكم ستّين سنة منذ 1952(م)، ويقولون إنها تمْلِك ولا تحكم!! إذن هي تأكل وتنفق الأموال وتسكن القصور من أموال الأمّة!! فارجعوا -أيها المسلمون خاصة أيها الشباب- إلى علماء أهل السُّنّة والجماعة، الكبار في العلم، والكبار في السّن، الذين لا يميلون مع العواطف، ولا تزلزلهم الفتنة، واعتبروا وخذوا الدروس مما وقع في الصومال، والعراق، فلا تغيِّروا ظلم الحكام وتجاوزاتهم بالفتنة والبلبلة، لا تغيِّروا الخطأ بالخطأ، واحذروا الفتنة، وارجعوا إلى علماء الأمة ولو كانوا قلّة.
كتبه أبو سعيد بلعيد بن أحمد الجزائري
17 ربيع الاول 1432 هـ
20 فيــــــفري 2011 م
20 فبراير 2011
كلمات نيّرات لعلاج الفوضى والبلبلة والفتنة الواقعة اليوم في كثير من بلاد المسلمين، مأخوذة من كتاب تمام المنّة في فقه قتال الفتنة، للشيخ محمد بن عبد الله الإمام، حفظه الله تعالى:
ومن قتال الفتنة : القتال في المظاهرات
المظاهرات الحاصلة في بلاد المسلمين مستوردة من قبل الكفار، وهذا معلوم أنها لم تكن في المسلمين قبل هذا العصر، وهي في بلاد الكفار مستحدثة أيضاً، واستحداثها في بلادهم مصاحب لظهور الديمقراطية فهي فرع من فروعها، وتُعَدُّ تحقيقاً لِشِعَارَيْ الحرية والمساواة.
ومعلوم أن الدعوة إلى الحرية والمساواة بالمفهوم عند الكفار دعوة إلحادية، فالمظاهرات وسيلة ديموقراطية، ولهذا لاَ تُفَرِّقُ بين مسلم وكافر وملحد وموحد ورجال ونساء.
وهي خروج جماهيري إلى الساحة مطالبة بأمر ما، والخروج هذا إما أن يكون خليطاً من فئات الناس والنساء، وإما أن يكون تجمعاً حزبياً فقط أو حكومياً فقط أو تابعاً لأصحاب مهنة معينة كالطب أو التعليم أو غير ذلك.
وكثيراً ما يحصل في المظاهرات من الصخب والسب واللعن والشتم وفي بعض الأحايين التكسير والتدمير وسلب ونهب الأموال. وهذا كاف في إثارة فتنة القتال، بل وفي بعض الأحيان يتقاتل بعض المتظاهرين مع أمن وجيش الدولة، فالمشاركة في هذا القتال هو من قتال الفتنة.
وعلماء أهل السنة يُحَذِّرُونَ من المظاهرات؛ لما فيها من مفاسد، قال شيخنا الوادعي رحمه الله في رسالته "ذم المسألة" (ص32) في المقدمة : " فاين ثمرة تلكم المظاهرات التي يقلّدون فيها أعداء الإسلام؟ وأين ثمرات مؤتمر الوحدة والسلام ؟ وأين ثمرات الانتخابات الطاغوتية ؟ نحن نقول هذا؛ حزنا على الدين، وتألماً من قلب الحقائق، لا أننا نغبطهم على جمع الأموال ، فهم سَيُسْألُونَ عنها يوم القيامة).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: ( لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج ، ولكن أرى أنها من أسباب الفتن، ومن أسباب الشرور ومن أسباب بغض الناس والتعدي على بعض الناس بغير حق ...) نقلاً من " الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية" (ص181).
وفي " مجموع فتاوى ومقالات متنوعة " (18/379) قال العلامة ابن باز رحمه الله: (كما أوصى العلماء وجميع الدعاة وأنصار الحق أن يتجنبوا المسيرات والمظاهرات التي تضر الدعوة ، ولا تنفعها وتسبب الفرقة بين المسلمين والفتنة بين الحكام والمحكومين) . اهـ.
بقاء الحكام المسلمين الجائرين أهون من إزالتهم بالخروج عليهم
قد دل استقراء أحوال الأمم والمجتمعات قديماً وحديثاً على أن وجود حاكم ولو كان ظالماً وجائراً خير من الفوضى بالخروج عليهم وزعزعة الأمن والاستقرار وفتح أبواب الفتن التي لا تُبْقِي ولا تذر ، والأدلة على ما قلنا ما يلي :
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ( لا يصلح الناس إلا أميرٌ بَرٌّ أو فاجر ، قالوا : يا أمير المؤمنين هذا البَرُّ فكيف بالفاجر ؟ قال : إن الفاجر يُؤَمِّنُ الله عز وجل به السبل، ويُجَاهَدُ به العدو ويُجبَى به الفيء وتُقام به الحدود ويُحَجُّ به البيت ويَعْبُدُ اللهَ فيه المسلم آمنا حتى يأتيه أجله _ أخرجه البيهقي في الشُّعَب 6/64-65 رقم 7508 وهو صحيح.
وعن الحسن البصري قال: واللهِ لا يستقيم الدين إلا بولاة الأمر وإن جاروا وظلموا، واللهِ لَمَا يُصْلِحُ الله بهم أكثر مما يفسدون.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في –مجموع الفتاوى- 28/391 : ويقال: ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة واحدة بلا سلطان. والتجربة تُبَيِّنُ ذلك.
وقال أيضاً في –السياسة الشرعية- 232/235 : يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين ، بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها. فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض،...ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس .... ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة... ولهذا كان السلف – كالفضيل بن عياض، وأحمد بن حنبل وغيرهما- يقولون: لو كان لنا دعوة مجابة لدعونا بها للسلطان... فالواجب اتخاذ الإمارة دينا وقربة يتقرب بها إلى الله ؛ فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات. وإنما يفسد فيها حال أكثر الناس لابتغاء الرياسة أو المال بها.
وقال الذهبي في السير 8/414 في ترجمة ابن المبارك أنه قال :
الله يدفع بالسلطان معضــلة .... عن ديننا رحمة منه ورضوانا
لولا الأئمة لم تأمن لنا سبل .... وكان أضعفنا نهبا لأقـــــوانا
فيقال: إن الرشيد أعجبه هذا، فلما بلغه موت ابن المبارك بِهِيتَ (اسم مكان) قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، يا فضل ائذن للناس يعزونا في ابن المبارك. وقال : أمَا هو القائل: الله يدفع بالسلطان معضلة؟ فمن الذي يسمع هذا من ابن المبارك ولا يعرف حقنا؟.
وقال ابن رجب في –جامع العلوم والحكم- 2/117 : وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا، وبها تنتظم مصالح العباد في معايشهم ، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم.
أيها القارئ إياك إياك والأفهام الدنيوية فإنها لا تسمن ولا تغني من جوع؛ لأنها أفهام يقودها الهوى لا العقل الرشيد، يقودها حب المال والجاه والمُلْكِ، وهذه تُعْمِي وتُصِمّ، فالذين خالفوا أهل العلم في المسألة معتمدون على أهوائهم ، ووصل بهم سوء الفهم إلى تقعيد قواعد باطلة كقولهم: لا تبرأ الذمة إلا بإزاحة الملوك.
وهيهات هيهات أن يتحقق لهم ذلك ، وإن تحقق فبعد ماذا؟ فيا سبحان الله كيف أعماهم حُبُّ المُلْكِ وإن أَخْفَوْهُ ، وأسكرهم الطمع في المال والجاه وإن نفوه، فلا تغتر بحماسهم القائم على غير أساس ، بل قل لهم: إن كنتم تعقلون فاسألوا مَنْ أَمَرَكُمْ اللهُ بالرجوع إليه. ولا يخفى عليهم أنهم يطعنون في أهل العلم من أجل أن لا يلزمهم في نظرهم الرجوع إليهم، ووالله لا يزال الرجوع إليهم واجبا على كل من ليس بعالم حسب الحاجة وخصوصاً في القضايا المدلهمة.
من أسباب فتنة القتال عدم الفحص والتحري لما يُقال ويُنقل
الفتنة إذا هاجت تكلم فيها من لا يحسن الكلام، ونقل الأخبار من لا يتحرى النقل، ودخل فيها –بدعوى الإصلاح- من لا معرفة له بالإصلاح ناهيك عن تحريكها من قِبَلِ المتربصين والشامتين، فمن لم يوطن نفسه عند الفتنة على الحِلْمِ لا على الطيش، وعلى الصبر لا على الجزع، وعلى البحث والتحري لا على التسليم بما يقال ويُنْشَرُ، وقع في حبائل الفتنة، وها هي إرشادات السلف تنير لك هذا الطريق عند الفتنة.
فعن عبد الله بن مسعود رضي قال: (ستكون أمور مشتبهات فعليكم بالتؤدة؛ فإن أحدكم أن يكون تابعًا في الخير خير من أن يكون رأسا في الشر). رواه ابن أبي شيبة (38184) والبيهقي ففي الشُّعَبِ (13/15-16) رقم (9886) واللفظ له. وسنده لا بأس به.
وها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أشيع أن النبي صلى الله عليه وسلم طلّق نساءه؛ ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله قائلًا: أطلّقت نساءك، يا رسول الله؟ قال: لا، فقلت: الله أكبر) رواه البخاري رقم (89).
وأيضا المتكلم لابدّ أن يلقي كلامه الخاص على من يفهمه ويصونه، فقد روى البخاري (6830) عن ابن عباس قال: كنت أقرئ رجالا من المهاجرين؛ منهم: عبد الرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها، إذ رجع إلى عبد الرحمن فقال: لو رأيت رجلا أتى إلى أمير المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين، هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلانًا! فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمَّتْ، فغضب عمر ثم قال: إني –إن شاء الله- لقائم العشية في الناس؛ فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغضبوهم أمورهم. قال عبد الرحمن فقلت: يا أمير المؤمنين، لا تفعل؛ فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، فإنهم هم الذين يغلبون على قرْبِك حين تقوم في الناس.
وأنا أخشى ان تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير، وألا يعوها وأن لا يضعوها على مواضعها، فأمهل حتى تقدم المدينة؛ فإنها دار الهجرة والسُّنَّة فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكنا؛ فيعي أهل العلم مقالتك ويضعونها على مواضعها. فقال عمر: أما والله –إن شاء الله- لأقومن بذلك أول مقام أقُومُهُ بالمدينة).
فالفتنة تكون صغيرة فيكبرها صنفان من الناس، الأول: من له مقصد حسن، ولكنه غير فقيه ولا خبير بالفتن. والثاني: من له مقصد سيء ونية خبيثة. أما الصنف الأول: فليتق الله وليرد الأمور إلى من هم أحق بها وأهلها. وأما الثاني فهو من الهالكين، إلا أن يتداركه الله برحمته فيتوب عليه فليتب إلى ربه قبل لقائه، والوقوف بين يديه» اهـ.
دسائس الأعداء لإشعال فتنة القتال بين المسلمين
أشد أعداء الإسلام الخارجين ثلاثة: المجوس واليهود والنصارى. وهؤلاء الثلاثة كل واحد منهم لا يألو جهدا في زرع الفتن بين المسلمين وإفساد حالهم من الداخل والخارج. وأعظمهم كيدا ومكرا للإسلام وأهله ومؤامرة عليهم من أول يوم: اليهود، قال تعالى : (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ)، وقال تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)، فهم أول من كاد بالمسلمين باسم الإسلام، وما فتنة عبد الله بن سبأ اليهودي عنا ببعيد؛ فقد ادَّعى الإسلام وهو مبطن لليهودية؛ فاغتر به من اغتر، ثم سعى في إضرام نار الفتن حتى قتلوا عثمان، فكفى بهذه فتنة من قِبَلِ اليهود في ذلك الزمان زمان العافية.
ولا تنس المجوس؛ فإنهم سلكوا مسلك اليهود، فقد أسسوا الفرق الباطنية المجوسية القرمطية فتظاهرت بالإسلام، وهي أكفر من اليهود والنصارى، ولا نستبعد أن اليهود شاركوهم في إنشاء هذه الفرق والأحزاب، واستمر اليهود والمجوس على هذا. وكثيرا ما تكون هذه المكائد خفية.
أما في عصرنا فقد تمكنت الثلاث ملل من المسلمين؛ فقد أقاموا فتن التفريق والتمزيق بين المسلمين، وجعلوا بأسهم بينهم شديدا ظاهره وباطنه، بل اتحد اليهود والنصارى على محاربة المسلمين والسعي في القضاء على الخلافة الإسلامية، وقد حشدوا جميع قواهم الكيدية والمكرية حتى أقاموا الثورات والانقلابات بين المسلمين التي أدت إلى القضاء على الدولة العثمانية. انظر كتاب :«المؤامرة الكبرى على الشام».
وما الحرب الإيرانية عنا ببعيد؛ فقد دامت ثمان سنين حصدت الأخضر واليابس. وبعدها الحرب العراقية على الكويت، وقد أدت هذه الثانية إلى هلاك العرب حِسًّا ومَعْنًى، فقد أبيدت دولة العراق على يد أمريكا؛ دمرها الله، أما مَعْنًى: فقد أذِلَّ العَرَبُ بوجود قواعد حربية أمريكية في جزيرة العرب، وما تمكنت أمريكا دمرها الله من تنفيذ الديمقراطية في الوطن العربي إلا يوم أن وُجِدَتْ قواعدها الحربية. ولله الأمر من قبل ومن بعد» اهـ.
فيا أيها المسلمون احذروا الفتّانين من تحليلات الصحفيين الجاهلين، وأصحاب المواقع الالكترونية الماكرين مثل ويكي ليكس، وface book، وtwiter، وغيرها ومن قنوات الفتنة والبلبلة كالجزيرة، وbbc وفرنسا24، وغيرها من قنوات الفتنة، فإن كانوا صادقين فليُطالبوا بإنهاء الحكم المَلَكِي في بريطانيا، فإن ملكتهم صار لها في الحُكم ستّين سنة منذ 1952(م)، ويقولون إنها تمْلِك ولا تحكم!! إذن هي تأكل وتنفق الأموال وتسكن القصور من أموال الأمّة!! فارجعوا -أيها المسلمون خاصة أيها الشباب- إلى علماء أهل السُّنّة والجماعة، الكبار في العلم، والكبار في السّن، الذين لا يميلون مع العواطف، ولا تزلزلهم الفتنة، واعتبروا وخذوا الدروس مما وقع في الصومال، والعراق، فلا تغيِّروا ظلم الحكام وتجاوزاتهم بالفتنة والبلبلة، لا تغيِّروا الخطأ بالخطأ، واحذروا الفتنة، وارجعوا إلى علماء الأمة ولو كانوا قلّة.
كتبه أبو سعيد بلعيد بن أحمد الجزائري
17 ربيع الاول 1432 هـ
20 فيــــــفري 2011 م
salaf- عدد المساهمات : 4
نقاط : 10
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/06/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى